
لآلىء وأصداف
بقلم - أم يوسف


حديث من القلب إلى القلب ..
إلى أمي .. إلي أختي ... إلى ابنتي .. إلى كل إمرأة في العالم ... نعم إليك أنتِ كلماتي.
سأضع التساؤل في قلبِكِ ثم أترككِ تُجيبين بكل صدق، بصدق الأم والأخت والابنة.
ثقتي في الله عز و جل أنّك ستفعلين.
أبدأ بتساؤلي هل أصبحت المرأة غريبة في هذا المجتمع أم غربيّة؟
سؤال أطرحه على نفسي قبلك، وحق المؤمن على المؤمن أن لا يصدح قلبه إلا بالحق، سأجيب أولا :
عن أنس بن مالك رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه) (منفق عليه). نعم حبيبتي أخيتي، نحن نفس واحدة فكيف نرتضي الأذى والدّنية لبعضنا البعض ؟ بل وسيشهد التاريخ، كيف فتح الرجل الباب للمرأة لتخرج إلى عالم شقاء بل إلى عالم الذئاب !
هل يعقل ذلك وقد رضيته ذرع حماية لها ؟!
أُخيّتي، حقيقة الأمر أنّنا نحن من ارتضى لأنفسنا الغُربة لمّا تشبّهنا بالغرب..
تنازلنا عن دورنا الأساسي وهو : " بذل الغالي و النفيس لبناء أسرة متماسكة " .
فأخرجنا إلى المجتمع رجالا يعانون وَهَنًا شديدا ... رجالا انتحرت الغيرة عندهم إلا من رحم ربّي .. رجالا تخاذلوا لمّا فضّلوا الأَرائِك والكَنَبَّات.. رجلا تاهوا مع الأفلام والأغاني و التمثيليات ووَجِلَت قلوبهم للماتشات.. تقاعدوا عن مسؤولياتهم.. آمرون ناهون في غيرموضع الأمر والنهي.. رضوا للمرأة وهم ولاة أمرها، أن تُزيل حجاب الحياء.. فأصبحت تفعل كلّ شئ وأيّ شئ حتى أصبحت مجرد شيء في أعينهم ! نعم، وقد سمعتها بأذني من أحدهم وهو يقول :
لا تُساوي المرأة في نظري إلا شيئا !!
فأسألكِ من جديد، هل تشعرين حقا بالأنس والطمأنينة في هذا المجتمع، مع مَن حولك ؟ هل هذه هي حريّتك التي كنت تبحثين عنها ؟ أم أنّك عُدتِ بنفسك إلى عصور الجاهلية بحيث لا يخلو تعاملُك ومَنْ حولَكِ مع نفسك على أنّكِ متاع ؟؟
الجواب غاليتي بنعم أم لا فقط.. فإجابات مثل نوعا ما أو بنسبة كذا أو كذا، لم تعد تصلح..
سقطت أقنعة واقعنا الأليم.. سقطت بدون أن نشعر بذلك.. فلنستجمع شجاعتنا إذاً، ونُواجِه أنفسنا بكلمة حق تُقال.. ولو لمرّة واحدة فلعلّها تُحرّكُ فينا شيئا.. لم يعد لأقوال الزّور مكان بيننا..
الحقيقة، أنّنا غُرباء..
تعلّمت المرأة عبر السنين ،
بلغت أعلى الدّور في ناطحات السحاب، بل ساهمت في بناء ناطحات السحاب..
ولكنّها، في المُقابل، رضيت لنفسها بالدَّنِيَّة .. فاختلطت بالرجال بدون مراعاة الضوابط الشرعية .. وخلعت حجابها بحجة أن المجتمع لا يسمح ..ولبست ما لا يليق لتجد وظيفة.. وتنازلت عن قيمها ومبادئها لتفوز بصفقه تجارية.. أوفعلت كلّ ذلك لمجرّد أن تنافس الرجل أو لتُثبتَ وجودها وتحقق ذاتها ..
آااه ، اسمعي يا حبيبتي إلى كلام ربّ العالمين إِذْ يقول، وقوله الحقّ :
"وَ قَرْنَ فى بُيُوتِكُنَّ وَ لا تَبرَّجْنَ تَبرُّجَ الْجَهِلِيَّةِ الأُولى وَ أَقِمْنَ الصلَوةَ وَ ءَاتِينَ الزَّكوةَ وَ أَطِعْنَ اللَّهَ وَ رَسولَهُ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِب عَنكمُ الرِّجْس أَهْلَ الْبَيْتِ وَ يُطهِّرَكمْ تَطهِيراً" (الأحزاب : 33)
كلام واضح لا يحتاج اللّف والدّوارن ...
بكلّ صدق أقولها :
أَغْبِطُ كلّ امرأة راعت شرع الله عز وجل.. واحتسبت النّية أولا قبل أن تخطو خطوة خارج منزلها..
والله، ناطحت النّجوم، تلك التي عَلِمَت أنّ الله عز وجل رقيب عليها .. رقيبُكِ أختي عند اختلاطك بالرجال ، نعم رقيبك عند لبسك اللباس الشرعي وغضك لبصرك .. رقيبك في كسبك ..لا يخفى عنه سبحانه غشا ولا سُحتاً...
أوضحت لكي ببساطة وَجهَيْ العُملة لتختاري .. فالحلال بَيِّنٌ والحرام بيّن وما بينهما مشتبهات..
وأقولها غاليتي، واعذري وضوحي ولكنّه لمصلحتك،
لن يَحمل أحدٌ وزرك عنكِ يوم الحساب يوم ستُعرضين على ربّ العباد ..
حقيقة دعوات تحرر المرأة
شَهِدَ التاريخ، باتفاقية "تغريب المرأة وتحقيرها كإنسان" بل وتشييئها ووضع صورها على كلّ منتوج يصلح أو لا يصلح للبيع : مواد الاستهلاكية، أدوات حلاقة خاصة بالرّجال، علب السجائر، عروض السيّارات .. فأنت تجدها في الإعلانات لترويج السلع ولحشد الجماهير هنا وهناك: فأصبحت مادة لترويج وجلب الأموال والثروات .. والأخطر من هذا، أنّه تمّ اختزال كلّ هذا تحت عنوان تحرّر المرأة، حتّى يُرخّص لمثل هذه الممارسات تحت مرأى ومساميع الجميع فلا يجرأ أحدٌ على الاعتراض ..
فقضيّة حرية المرأة حقيقة، عبارة عن تجارة لا أكثر.. تجارة تصوغها قوانين العقل البشري القاصر .. وفي حالة ما إذا لم تتحقق بالمقاييس التي يريدنها هم، أصبحت مقهورة، ومبتورة من المجتمع، وكان لزاما أن تخرج "المُتحررّات" لتُفهّمها معنى التّمتّع بالحقوق!
منطق مغلوط ، ولن تكفي سطوري القليلة هذه لكشف الحقائق التي احتفظ بها التاريخ من : المحاولات الزائفة لتحرير المرأة!
ولكنّي أكتفي بصرخة من القلب لنقف جميعا أمام العالم كله ونصيـــح بكلمة واحدة : " كــفــــى !!!! "
نعم كفانا امتهان .. كفانا سلب هويتنا تحت مسميات أصحاب الأهواء الذين اتخذوا شرع الله عز وجل هُزُوًا ..
آن الآوان...
لكل امرأة أن تُراقب قلبها وتأخذ بالأسباب الشرعية التي جاءت في كتاب الله عز وجل و سنة رسوله صلّى الله عليه وسلم ، الحبل المتين الذي أمرنا الله عز و جل ورسوله صلى الله عليه وسلم بالتّمسك به، لتسترجع كرامتها التي سلبت وإنسانيتها التي طُمِسَت. الإحصائيات التي باتت تكرّر نفسها عبر التاريخ بحقائق عن نسب عالية للجرائم والطلاق والتّفكك الأسري والمخدرات.. كلّه نتيجةً إفساد المرأة التي باتت إنسانا محطّما يجري جري الوحوشفي البريّة ، يجري وراء كل شئ ، لكنّه لم يبلغ أي شئ ، سوى الذل والمهان.. فإذا لهثت وراء المساحيق و الموضة لن تصل.. وإذا لهثت وراء تحصيل الشهادات مع إهمال بيتها وأولادها لن تصل، وإذا خلعت رداء الحياء وتخلت عن كل شئ لن تصل، وحتى وإن ضحّت ووهبت حياتها لخدمة القضايا فلن تصل، لأنّ مقياس نجاحها أو مدى رضا المجتمع عنها خيالي،
إذ مطلوب منها أن تكون :
داخل البيت، المرأة المطيعة السكن لزوجها، الأم الحنون المربيّة لأولادها ..
وخارجه، المرأة الحديدية، باهرة الجمال، حاملة أعلى الشهادات العلمية، المتاجرة بشرفها وعرضها إذا اقتضى الأمر.. الواهبة نفسها للجميع.. الخاضعة تحت ملكية المجتمع بأسره ..
وقعت إذاً ، في التجارة الواسعة بين الأفراد والمجتمعات ..
فلم يبقى لها إلاّ أن تدخل أسواق البُورصة للمتاجرة العالمية ..
أين الكرامة، أين؟!
أين الكرامة ، التي جعلها المولى عز وجل صفة لا تنفكّ عن بني البشر..
قال الله تعالى : " ولقد كرمنا بني آدم وحملناهم في البرّ والبحر ورزقناهم من الطيّبات وفضّلناهم على كثير ممّن خلقنا تفضيلا" (الاسراء: 70).
آن الاوان ، أن تستشعري هذا التكريم بكل ما تحمله هذه الكلمة من معنى، واعلمي أنّ مخالفة ما شرعه الله عز وجل هو نقض لهذا التكريم.. وأنّ كلَّ اجتهادٍ لتحقيق هذا التكريم والاستخلاف في الأرض هو باتّباع أوامر الله عز وجل واجتناب نواهيه.. هو بتحقيق العبادة التي من أجلها خلقنا الله عز وجل. قال الله تعالى : " وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ " (الذاريات: 56)
وإليك أيها الرجل.. أيها الأب .. أيها الزوج و الأخ و الابن
افيقوا من سُباتِكم ، فنحنُ نحتاجكُم..
احفظوا أمّهاتكم وأخواتكم وبناتكم من الضياع والضلال واستحضروا رقابة الله عليكم ، ابتغوا في ذلك مرضاة الله عز وجل، فما لا ترضاه لأهلك لا ترضاه لأخواتك المؤمنات ..
يقول الله عزّ وجل: {وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الأَقْرَبِينَ *وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ *} (الشعراء: 214، 215)
وقال الله تعالى :
إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَن تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَاللَّـهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ ﴿النور: ١٩﴾
ساعدها ، ادفعها للعفة، ادفعها لرضا المولى عز وجل، ولا تُعِن الجاحدين والمنافقين عليها فتكسرها.. لا تجعلها تتحمّلَ ما لا طاقة لها به، ولا تطلب منها خلع سترها، لا تدفعها للخروج للانفاق على الأسرة بغير حاجة ولا ضرورة.. لا تسىء معاملتها ولا تشعرها بأنّها مجرّد أكسيسور يتباهي بها أمام الأهل والأصدقاء.. لا تحقّرها ، لا تحرمها حقها من النفقة فتجعلها تكابد و تكابد.. فكلّكم راعٍ وكلّكم مسؤول عن رعيته .. وأنت مسؤول عنها ..
وتذكّر وصيّة من لا ينطق عن الهوى، وصية الحبيب النبي صلّى الله عليه وسلّم :
( خيرُكم خيرُكم لأَهلِه وأنا خيرُكُم لأَهلي ما أكرمَ النِّساءَ إلَّا كريمٌ ولا أهانَهُنَّ إلا لئيمٌ) (السيوطي)
ثم إليك يا أمي ويا أختي و يا ابنتي المؤمنة
حبيباتي في الله ، أدعوكم بحكمة وهدوء و بخلق المرأة الإنسان الذي كرمه المولى عز وجل أن تتصالحي مع نفسك، لا تقبلي الدّنيّة بعد اليوم، استجيبي لما يحييكِ حياة طيّبة، استجيبي لله عز وجل.. وأنت خارجة من البيت راعي حدود الله عز وجل، كوني داعية إلى الله بسمتك وأخلاقك وعفتك وحيائك.. اتقي الله عز وجل في أمانتك ..لا تجحدي نعم الله عليكٍ .. احمدي الله عز وجل.. حافظي على كرامتك ، صوني نفسك وبلّغي الأمانة إلى من حولك.
كوني قدوة لأخواتك في كل مكان ، كوني الأم التي تغرس البذرة وتدعو الله أن ينبتها نباتا حسنا ، كوني الأخت الصادقة التي تنصح من القلب، كوني الابنة البارّة التي ترأف بمن حولها
وأخيرا كوني أَمَةً لله وحده ،
حقيقة وجودك هو عبادة الله عز وجل ثم الاستخلاف في الأرض أختي،
فسيري على بركة الله، لا تخافي لومة لائم.. فأنتِ في طريق العزيز القويّ الجبارالذي لا يُهزَم !
هذا والله تعالى أعلى وأعلم و أستغفر الله لي و لكم والسلام عليكم و رحمة الله و بركاته



