top of page

القدوة النيرة للدرة الحرّة
بقلم - أم محمد علي 

لاشك أن نساء المسلمين وبناتهم في هذا الزمان أصبحن في أمس الحاجة إلى القدوة الصالحة التي تكون لهن نبراسًا يضيء لهن الظلمات وينقذهن من الفتن التي أحاطت بهن من كل جانب، وتكون لهن سلاحا يواجهن به هول الهجمات الشرسة التي يقودها أعداء الدين على المرأة المسلمة خارجياً وداخلياً  عبر تصوير واقع المرأة المسلمة بأنه واقع مأساوي محزن وباستعمال شعارات زائفة من قبيل رفع التمييز ضد المرأة ودعاوى المساواة بين المرأة والرجل .
والحقيقة، 

أن جهل أغلب بنات الأمة الإسلامية بتاريخهن المجيد وتقبلهن للصورة المأساوية التي يرسمها الغرب عن المرأة المسلمة، يجعل منهن ضحايا الإغراءات العلمانية ودعاوي التحرير المزيفة، ولو بحثن في تاريخ أسلافهن لوجدن أن الحضارة الإسلامية لم تخلو من نساء بارعات في مختلف العلوم والميادين،

ومن الأمثلة التي نوردها عن ذلك :


الصديقة بنت الصديق ،

حبيبة رسول الله صلى الله عليه وسلم، عائشة رضي الله عنها، توفي عنها النبي صلى الله عليه وسلم و سننها ثماني عشرة سنة، على أنها ملأت أرجاء الدنيا علماً، فقد وعت من أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم ما لم تعه امرأة من نسائه، وروت عنه ما لم يرو مثلها أحد من الصحابة إلا أبو هريرة وعبد الله بن عمر.
وحفصة بنت سيرين العابدة التقية،

حفظت القرآن وهي بنت ثنتي عشرة سنة، وكان إذا أشكل على أخيها محمد بن سيرين شيء من القرآن يقول: اذهبوا إلى أختي حفصة فانظروا كيف تقرؤه. هذه التقية التي مكثت ثلاثين سنة لا تخرج من مصلى بيتها إلا لقضاء حاجة زوج أو قيلولة. وقد كانت من أفضل التابعين.
وهذه عمرة بنت عبد الرحمن بن سعد بن زرارة تربية عائشة،

كانت عالمة فقيهة حجة، كثيرة العلم، وحديثها كثير في دواوين الإسلام.
ويبلغ مجموع من لها رواية من الصحابيات في الكتب الستة جميعها سواء من روت عن النبي صلى الله عليه وسلم مباشرة أو من روت عن أحد الصحابة، مائة وخمس عشرة صحابية ثابتة الصحبة، ونضيف إليهن خمس صحابيات راويات مختلف في صحبتهن، وهن: أسماء بنت زيد بن الخطاب، أسماء بنت سعيد بن زيد بن نفيل، صفية بنت الحارث بن طلحة العبدرية، عائشة بنت مسعود بن الأسود، زينب بنت نبيط، إلا أنه ليس لواحدة منهن رواية عن النبي صلى الله عليه وسلم.وقد ثبــتت العــدالة لهن جميعًا، سواء من روت عــن النبي صلى الله عليه وسلم أو روت عن غيره بإجماع الأئمة.
ونذكر أيضا ابنة سعيد بن المسيب،

التي كانت تُعلم زوجها علم سعيد بن المسيب، ولما أراد أن يمضي إلى حلقة والدها قالت: إلى أين؟ قال: إلى مجلس أبيك أتعلم العلم، قالت: اجلس هاهنا أعلمك علم سعيد بن المسيب.
وفاطمة ابنة الإمام مالك، 

كانت تحفظ الموطأ، وكان إذا قرأ القارئ على أبيها، فإذا زاد أو نقص تدق ابنته الباب، فيقول أبوها للقارئ: ارجع فالغلط معك، فيرجع القارئ فيجد الغلط عنده.
وجود عدد من النساء الكاتبات منهن أم المؤمنين حفصة وأم كلثوم بنت عقبة والشفاء بنت عبد الله القرشية وعائشة بنت سعد وكريمة بنت المقداد 

وأم عمارة نسيبة بنت كعب، 

في أحد خير من الرجال، فهي الفاضلة المجاهدة الأنصارية، شهدت ليلة العقبة وشهدت أحداً والحديبية ويوم حنين ويوم اليمامة، وجاهدت وفعلت الأفاعيل، وقطعت يدها وهي تجاهد في سبيل الله.
كما تذكر لنا كتب التاريخ ليلي بنت عبد الله،

الملقبة بالشفاء. كانت محل تقدير الرسول صلى الله عليه وسلم، ومحل تقدير عمر بن الخطاب في خلافته، وقد كان يرعاها ويفضلها ويقدمها في الرأي، وولاها شيئاً من أمر السوق، فقيل أنها كانت المسئولة عن ضبط الأسواق في عهده.
والخنساء:

أم الشهداء، أجمع أهل العلم بالشعر أنه لم تكن امرأة قبلها ولا بعدها أفضل شعرا منها. ولما جاء الإسلام غيّرها وهجرت الشعر وأقبلت على القرآن حفظا ودراسة حتى أتقنته، وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يداعبها ويقول: «إيه يا خناس» ويطلب منها أن تنشد شعرا فكانت تمتدحه بأرقّ الأشعار. ما تخلفت عن غزوة تخرج للجهاد وتحمّس الرجال وتقرأ عليهم آيات الجهاد وتشوّقهم الى الجنّة. وحينما وصلها خبر استشهاد أبنائها الأربعة في وقت واحد في حرب القادسية قالت : «الحمد لله الذي شرفني بقتلهم، وأرجو من ربي أن يجمعني بهم في مُستقَرّ رحمته»
وهذه رفيدة بنت كعب الأسلمية، وقد ارتبط اسمها بخيمتها «خيمة الخير»، وتجلى دورها الإنساني بشدة منذ يوم «أحد»، حيث كانت تضمد جراحات الجنود، وتسعفهم، وتسهر علي راحتهم، وفي وقت المعارك تشمر رفيدة عن ساعد الجد، وتخرج مع المسلمين، تنصب خيمتها في ميدان المعركة ويعاونها في عملها نساء الصحابة رضي الله عنهن جميعاً لتكون خيمتها بذلك
أول مستشفي ميداني في الإسلام.

وفي بلاد المغرب نجد،

أم البنين فاطمة بنت محمد بن عبد الله الفهري،

التي ينسب لها فضل بناء جامع القرويين بمدينة فاس بالمغرب الذي عد كأول جامعة في العالم، وأصبح مدرسة علمية ومنارة فكرية مميزة.
وأسماء بنت أسد بن الفرات،

التي تعلمت على يد أبيها واشتهرت برواية الحديث والفقه على مذهب أبي حنيفة.
كما نجد خديجة بنت الإمام سحنون،

التي قال عنها القاضي عياض: "كانت خديجة عاقلة عالمة ذات صيانة ودين، وكان نساء زمانها يستفتينها في مسائل الدين ويقتضين بها في معضلات الأمور".
وهذه أم الحسن بنت أحمد الطنجالي،

التي ترجم لها ابن الخطيب في كتابه التاج المحلى فقال:"...فاضلة جمعت الأدب والإجادة ،نشأت في بيت أبيها ودرسها الطب فأفهمها أغراضه وعلمت أسبابه وأعراضه...".
وأم عمرو بن زهر،

أخت الطبيب المشهور أبي بكر بن زهر الإشبيلي التي كانت ماهرة في الطب النظري والعملي.
وأم المجد مريم بنت أبي الحسن الشاري المشهورة في علم الرواية والحديث.
وحفصة بنت الحاج الركوني،

الشاعرة الأديبة، وكانت أستاذة وقتها وانتهت إلى أن علّمت النساء في دار يعقوب المنصور.
هذه نماذج قليلة لا تعدو أن تكون قطرة في بحر نماذج النساء المسلمات الرائدات اللواتي أبدعن في ميادين شتى، وخدمن الإسلام وهن متشبثات بدينهن وعفتهن، فاجعليهن قدوتك ولا تنصاعي لأقاويل من يريد أن يغرر بك، وإن كنت تريدين الآخرة فاغتنمي وقتك واستزيدي من العمل الصالح واضربي أروع الأمثلة وأرقى النماذج للمسلمات من بنات عصرك.

bottom of page